الصباح اليمني_متابعات|
نشرت مواطنة بريطانية من أصول سودانية تبلغ من العمر 29 عاما مقالا في “بي بي سي”، تكشف فيه ان السلطات السعودية طالبتها بمغادرة اراضيها فورا.
وقالت “بسمة خليفة:” طلب مني مغادرة المملكة العربية السعودية، البلاد التي ولدت فيها والمكان الذي كنت أعتقد أنني قد أكون قادرة على بناء حياة جديدة فيه”.
وتابعت في مقالها تحت عنوان “لماذا توجبت علي مغادرة السعودية”، “لقد استمع إلي أناقش مقالا عن الناشطات النسويات اللائي اعتقلن في السعودية بينما كنت أصور فيلما وثائقيا لبي بي سي عن محاولتي اكتشاف إن كنت أستطيع الاستقرار هناك”، مؤكدة أنه “كان علي مغادرة البلاد فورا وأبلغت أن سلوكي، على ما يبدو، مُنتقد للمملكة”.
ووصفت “بسمة” شعورها قائلة “في هذه اللحظة، كان الشيء الوحيد الذي شعرت به هو الصدمة. كل ما فعلته قراءة مقال – في الغالب، شعرت أنني تعرضت لتوبيخ وطلب مني عدم الحديث بأي شيء إضافي عن الناشطات اللائي ينشطن في حملة منح المرأة حق قيادة السيارات”، مضيفة “ثم بدأ القلق والخوف. بدأت أشك في نفسي، ربما أكون فعلت شيئا فظيعا حقا، جرى كل شيء بسرعة ولم يكن لدي وقت للتفكير”.
وأردفت “فكرت لو أنني جرؤت على البقاء، قد يلغون تأشيرة دخولي إلى البلاد، فحجزت رحلة طائرة إلى مطار هيثرو (في لندن) ووصلت إلى بلادي في اليوم نفسه”.
وحول سر عودتها للسعودية قالت “قد أدركت أنني إذا أردت تحديد من أنا حقا، علي الرجوع إلى البداية والعودة إلى السعودية، البلاد التي مازلت لي ثلاث من عماتي فيها. ثمة كمية هائلة من الكتابات الصحفية السلبية عن البلاد، لكنني لن أعرف حقيقتها ما لم أذهب إلى هناك بنفسي”.
وأوضحت “في عمر 27 عاما، أعددت عرضا يتضمن مقاطع من مدونتي الفيديوية عن الأزياء، وراسلت شركات إنتاج طالبة دعمهم لعمل فيلم وثائقي عن عودتي إلى المملكة السعودية. ولحسن الحظ ردت واحدة من الشركات بالإيجاب، وبعد سنتين من التخطيط بتنا المخرجة جيس وأنا جاهزتين للذهاب”.
وأكدت “كان هدفي رؤية هل أستطيع العيش في السعودية كامرأة شابة تحمل قيما خليطة من الثقافتين الغربية والعربية، أردت أن أفعل أشياء يومية، من أمثال الذهاب لشراء الطعام ولقاء الأصدقاء”.
وأردفت “قبل مغادرتي بريطانيا في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، كان لدي بعض الأفكار عن كيفية معاملة السعودية لخصومها، ففي الثاني من الشهر نفسه، انتشر خبر جمال خاشقجي، الصحفي والمنشق السعودي، الذي اختفى في القنصلية السعودية في إسطنبول، وتوضح لاحقا أنه قد قتل”.
وأكدت “على الرغم من رعب هذا القضية، لم أكن خائفة. لم أذهب إلى السعودية كصحفية، كنت صانعة أفلام ذاهبة لزيارة عائلتي. على الرغم من أنني عندما هبطت في مدينة جدة لبدء زيارتي للمملكة لمدة أسبوعين، فكرت مع نفسي: “ماذا فعلت؟” ولكن حالما التقيت بعماتي الثلاث شعرت بالأمان.
وأشارت إلى أن عمتها الكبرى “تعيش في السعودية منذ 25 عاما و لا تريد العيش في أي مكان آخر، هي لا تحمل الجنسية السعودية، بيد أن لها حياتها المهنية الناجحة في مجال التعليم، ولم يعق السعوديون أبدا نجاحها هذا، وقد ساعدتني على التفكير في أنني أيضا استطيع العيش هناك”.
وأشارت “لم تكن عماتي الشخصيات الوحيدات اللواتي قضينا أيامنا معهن، لقد كلف مسؤولون سعوديون مرافقا حكوميا بمتابعتنا للتأكد من أننا تلتزم بالأعراف المحلية. وكان لدينا أيضا فريق إنتاج سعودي، مؤلف من سائق ومساعد مصور واثنين من مساعدي الإنتاج، وعلى الرغم من أن المرافق كان أقل رقابة لنا مما كنت أعتقد، إلا أن مجرد وجوده قربنا كان تطفلا بالتأكيد”.
وأكدت “تدخل فريق الإنتاج أيضا لتعديل سلوكنا، فطلبوا من جيس ومني ارتداء العباءة احتشاما، كما وبخوني لرقصي على صوت الموسيقى خارج السيارة لأن الرقص في مكان عام غير مسموح. وبمعزل عن المرافق، خبرنا الحياة السعودية العادية في التسوق في المولات (مراكز التسوق) ولقاء الأصدقاء وقضاء الوقت مع العائلة”.
وتابعت وصفها “السعودية بلد جاف، حيث يمكن أن يعاقب المرء لشرب المشروبات الكحولية، التي يُحرمها الدين الإسلامي، بالسجن. أنا لا أشرب الكحول بيد أنه على الرغم من ذلك كان من الممكن أن يكون شرائي لمشروب كحولي خلال رحلتي أمرا صعبا وخطرا”.
وأردفت بعد أيام قليلة من الحفلة، سألت مرافقي هل استطيع قيادة سيارة- وهو أمر كنت احتاجه إذا إردت التنقل في البلاد، بيد أن ذلك جاء عندما اتخذت الأمور مسارا غير متوقعا نحو الأسوأ”.
وتابعت “بينما كان مرافقنا يطلب لنا سلك توصيل من سيارة أخرى كي أتمكن من ربط تلفوني والاستماع إلى الموسيقى عبر سماعات السيارة، بدأت في قراءة مقال بصوت عال عن ناشطات حقوقيات سعوديات اعتقلن في الوقت نفسه تقريبا الذي رفع فيه الحظر على قيادة المرأة للسيارات،. لقد أردت معرفة هل إنهن ما زلن في السجن، وكما توقعت، لقد بقين وراء القضبان”.
وقالت “بسمة”: “لم اتفاجأ بشكل خاص، فأنا أعرف أن محاربة النظام في السعودية قد تقودك إلى السجن، بيد أن أحد أفراد طاقم الإنتاج السعودي الذي سمعني انتابه الغضب، ليس بشأن القصة لكنه شعر أنني كنت انتقد المملكة ولا احتفي بشجاعة النساء كما كنت أشير”.
وتابعت “قبل أن أعرف بذلك، أُجريت اتصالات هاتفية برؤساء الفريق وبطاقمنا الإنتاجي في بريطانيا. لقد شعرت بالصدمة والخوف، لم أكن أنوي إيذاء مشاعر أي شخص أو إحباطه. كل ما فعلته قراءة مقال. ولم يشر لي أي بحث في العالم بأن ذلك يُعد إهانة في المملكة”.
وأوضحت “اتصل بي محررنا المسؤول في بريطانيا لإبلاغي بأن علي أن أغادر السعودية فورا، ودعت عماتي والدموع تغمر عيني وتوجهت إلى المطار متلهفة للخروج من تلك البلاد، وعنما هبطت في مطار هيثرو، شعرت أنني استطيع التنفس وأنني بت خارج سيطرة المملكة، لم أشعر أبدا بمثل هذه السعادة لكوني بريطانية ولا أرى أنني قد أعيش في مكان ما يتمتع بحرية تعبير أكبر، ولن استبدل ذلك أبدا”.
واختتمت مقالها قائلة: “لا أعتقد أنني كنت ساذجة في التفكير في أنني يمكن أن أعيش في السعودية، لكنني الآن أعلم أنها لا يمكن أن تكون موطني. ذهبت لعيش حياتي بشروطي الخاصة، ولا أعتقد أنني أستطيع فعل ذلك هناك، لأنني امرأة على وجه الخصوص”.