يعد انهيار الثقة بين طرفي تحالف صنعاء، وبعد تبادل الإتهامات بالفساد والخيانة، توافد مناصرو “حزب المؤتمر” إلى ميدان السبعين، وأظهر علي عبد الله صالح قدرته على الحشد المناسباتي، وهذا ليس جديداً.
الأخير، سيوصل بمهرجان الخميس رسالة للداخل والخارج كما قال عشية الإحتفال بذكرى تأسيس حزبه: الشعبية مع “المؤتمر” وصالح، وإن كانت تقف وراءها عوامل عدة. و الخارج يراهن عليه مع حزبه في إضعاف حليفه لفرض تسوية سياسية. ولكن القوة بيد “أنصارالله”.
والسؤال: ماذا بعد الخميس إن غربت شمسه على صنعاء بسلام؟
الكاتب حسن العديني يرى أن “غداً سيمر بسلام. ولكن تعمق الشرخ ولن يرأب”. ما يؤكد صحة ما يذهب إليه العديني امتداد الشرخ بين “المؤتمر” و”أنصار الله” من القيادة إلى القواعد التي خاضت هي الأخرى ملاسنات كلامية في المقايل والشوارع، بالمدن والأرياف، وتراشقت بما دار على ألسنة الكبار.
إلتحقت قواعد “المؤتمر” بالسبعين، والتحق مسلحو “أنصار الله” بالساحات في محيط صنعاء. ستعود جماهير الحزب إلى منازلها، وسيبقى مسلحو الحركة على متن “الشاصات”، في صنعاء وكل المناطق التي تحت سيطرتهم.
تجديد الشراكة
البيانات والمؤتمرات والخطابات التي سبقت فعاليات الخميس، تؤكد أن برنامج “أنصار الله” القادم إكمال تجريد صالح وحزبه من النفوذ في الوزارات والمؤسسات العامة وما تبقى من معسكرات الجيش.
فيما سيكون برنامج “المؤتمر” المطالبة بتجديد اتفاق الشراكة مع “أنصار الله” بما يضمن إلغاء “اللجنة الثورية” وإخضاع الإيرادات العامة ونفقات “اللجان الشعبية” التابعة للحركة لإشراف ورقابة الحكومة والمجلس السياسي. لن يكون التنازل سهلاً من الطرفين، وسيكون “المؤتمر” الطرف الأضعف.
لكن قيادياً في “المؤتمر”، اشترط عدم الإفصاح عن اسمه، قال لـ”العربي”: “إما شراكة حقيقة أو ننسحب من المجلس السياسي والحكومة ونلتحق بالشارع لمناهضة أنصار الله”.
مناسبة مصطنعة
الكاتب والباحث عبد الباري طاهر، يقول لـ”العربي”: “المشهد اليمني يتجه إلى مزيد من التفكك جنوباً وشمالاً، والأخير هو الأخطر، حيث وصلت الخلافات بين المؤتمر وأنصار الله إلى التخوين والإتهامات بالغدر والعمالة”، داعياً شريكي التحالف بصنعاء إلى التعقل وقراءة مآلات الصراع بينهما وتبعاته.
كما يصف عبد الباري طاهر مهرجان السبعين لـ”حزب المؤتمر” بـ”المناسبة المصطنعة”، ويقول: “لم يكن يتم الإحتفال بذكرى تأسيس الحزب بهذه الصورة من قبل، ولكن صالح يريد أن يقول للخارج أنه رجل المرحلة وأن أنصار الله ليست سوى مليشيات، مع بروز مؤشرات دولية وإقليمية للضغط على الأطراف اليمنية للقبول بحل سياسي وتخلي أمريكا والسعودية مؤخراً عن تحفظاتها نحو صالح، فإنه يريد أن يكون مع حزبه الطرف الفاعل في تسوية ومرحلة قادمة”.
دورة سياسية
هناك من يراهن على صالح للتخلص من “أنصار الله”، وهناك من ينتظر من “أنصار الله” أن يخلصوه من صالح. في وقت يقلل نبيل الصوفي، السكرتير الصحافي للرئيس السابق من الخلافات بين الطرفين، بقوله لـ”العربي”: “ما يحدث الآن هو أول دورة سياسية لأنصار الله في صنعاء، التي لا أمل لها ولهم في النجاة إلا بالتعايش.
ويضيف: “دورة سياسية لن يخسر فيها أنصار الله إلا بعضاً من الهرج، ولن يراق منهم ولا من المختلفين معهم قطرة دم، ولن يعولوا لا هم ولا المختلفين معهم على الرصاص”.
بندقية مضبوطة
في المقابل، يقول الإعلامي والناشط في صف “أنصار الله” عبد الرحمن الأهنومي، لـ”العربي”: “إن دورات الحرب التي خاضها وتعرض لها أنصار الله لم تكن تخلوا من السياسة والمفاوضات”، مذكراً بزيارة وفد من الحركة برئاسة يوسف الفيشي لقطر في إحدى الحروب الست مع نظام صالح.
ويضيف: “سأل الوفد الذاهب إلى الدوحة السيد عبد الملك: ما هي الضمانات لأجل (أن) نسافر؟ فرد عليهم: بنادقكم. فقرر مفاوضونا أن يذهبوا بالبنادق، وصعدوا سلم الطائرة! واستغرب الجميع، لكنهم لم يشعروا بأي خطر”.
ويؤكد الأهنومي أن “البندقية التي بيد أنصار الله سلاح مضبوط، ورصاصته لن تذهب في الإتجاه الخطأ”.
ويتوافق الأهنومي مع الصوفي على أن صنعاء قد تكون قدمت “درساً” لـ”أنصارالله”، ولكنه يشير إلى أن الحركة “قدمت دروساً للجميع”، مطمئناً بقوله: “لا تقلقوا من أنصار الله، هم أوفياء مع من يفي معهم… لكنهم إن اكتشفوا خداعاً يتحولون في لحظة إلى وحوش”.
الصوت العالي
وعن مستقبل العلاقة بين الحليفين في صنعاء، يؤكد الكاتب والباحث محمد ناجي أحمد، لـ”العربي”، أنه “ليس لدى أنصار الله ولا لدى علي عبد الله صالح والمؤتمر الشعبي كلفة المواجهة الدامية، وسيظل الخلاف يتراوح في سقف (الصوت العالي) وتحته، لا في أجواء (الرصاص الحارق)”.
ويختم محمد ناجي بقوله:”قناعتي أن بإمكان أنصار الله إذا تحققت تسوية وسلام عادل أن يلملموا قوتهم وأن يتحركوا سياسياً وأن يوسعوا من تحالفاتهم السياسية ليتسع فضاء وجودهم وتأثيرهم”.