الصباح اليمني_مساحة حرة|
على الرغم من بقاء المحتل البريطاني 129 سنة في جنوب اليمن لم يتمكن من ترسيخ أسس صلبة لانفصال جنوب اليمن عن شمالها عبر انتاج وصياغة ثقافة انفصالية أو تكوين نخبة تدعو لطي صفحة التاريخ الوحدوي اليمني .
كانت الفئات القليلة التي انخرطت في المشروع البريطاني الاستعماري التقسيمي كأحزاب ومنظمات وجمعيات عاجزة عن مد نفوذها إلى كافة مناطق جنوب اليمن فانحصر تأثيرها في بعض اجزاء عدن .
– أمراض سياسية:
في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي أصيب اليمن بأمراض سياسية واجتماعية تراكمت خلال القرن الثامن عشر وأدت إلى ضعف الدولة المركزية اليمنية الموحدة واندلاع النزاعات والخلافات المحلية فانتشرت في البلاد مختلف صنوف الدويلات والسلطنات والامارات فكانت تلك الاوضاع مطمعا لكل غازي ومحتل وطامع باليمن بدأ بالوهابيين ومن ثم المصريين لتتوسع دائرة المطامع الاستعمارية الكبرى باليمن فقد احتلت بريطانيا عدن عام 1839م ويعود العثمانيين بالسيطرة شمال اليمن عام 1872م لتصارع المقاومة اليمنية في طرد المحتلين والذين قسموا اليمن الموحد من جهة ومحاولة اعادة مسار اليمن إلى تاريخه الطبيعي الموحد من جهة أخرى .
_أرث تاريخي:
يعتبر شطرا اليمن الشمالي والجنوبي وحدة ثقافية واجتماعية ومع احتلال بريطانيا لعدن عام 1839م والعثمانيين لصنعاء 1872م وتحديد الحدود بينهما عام 1914م من تعميق الانفصال السياسي فقط فلقد كانت وحدة اليمن فكرة متجذرة بشكل كبير في وعي المواطنين اليمنيين في كل من الدولتين قبل الوحدة وقد أجبر هذا الوعي الخاص كلتا الحكومتين على أخذه في الحسبان فتاريخ اليمن الذي يعود إلى حوالي ثلاثة آلاف عام – وربما أكثر من هذا التاريخ – يستند الشعور العام بالإرث التاريخي والحضاري والثقافي المشترك وقد لعب هذا الإرث الوحدوي دورا كبيرا في تثبيت المرجعية الوحدوية اليمنية وترسيخها في خيال اليمنيين .
-حضور وحدوي:
ويتوفر في المجتمع اليمني عناصر تضامن داخلي لا شبيه له في العالم العربي وقد لعبت هذه العناصر دورا حاسما في توحيد شطري اليمن وفي الحضور الوحدوي في ذاكرة اليمنيين شمالا وجنوبا ولقد أتاحت عناصر التضامن الداخلية لليمنيين فرصا كبيرة لمقاومة العثمانيين في شمال اليمن في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والمحتل البريطاني طيلة قرن ونيفا كذلك يستمد المجتمع اليمني المتضامن عناصر وحدته وقوته من الأساطير والتاريخ القديم ومن الظروف التي أحاطت باليمن في تاريخها الحديث والمعاصر و الشائع أن العرب ينتمون بأصولهم إلى شبه الجزيرة العربية والشعب اليمني احد أهم المكونات الاجتماعية في هذه المنطقة .
وككل المراجع التاريخية يحتفظ اليمن بغنى هائل في الرموز والدلالات العربية التي ساهمت وتساهم في تعزيز التضامن وتغلبيه على الانقسام في الخيال الشعبي ويستند هذا المرجع إلى دول كبيرة موحدة عرفتها اليمن قبل الإسلام كسبأ ومعين وحمير.
-الموقع الجغرافي:
ويستمد اليمنيون حضورهم الوحدوي من موقع اليمن الجغرافي وهو الذي سمح بنشوء وحدة الأرض والإنسان اليمني عبر تاريخه وما وحدة ال22 من مايو 1990م إلا امتداد للتاريخ الوحدوي اليمني وهو الذي سيكون الرهان عليه على دوام الوحدة اليمنية وعدم إعادة النظر فيها وفي مقاومة كل دعوات الانفصال والصمود بمواجهة محاولات العبث بالأوضاع الداخلية وبعثرتها من جديد وما عدوان مارس 2015م الا محاولة استعمارية قديمة يائسة عبر ادواتها لتحلم بأعاده اليمن لما قبل 22مايو1990م لتحقيق اهدافها ومطامعها في اليمن .
المصدر: سبتمبر نت