الأنظمة الرسميّة العربية التي ورثت السلطة، وتلك التي وصلتها عن طريق المؤامرات والقوّة عملت جميعا على بسط سيطرتها على مقدّرات البلاد والعباد من خلال إتّباع سياسة ” فرّق تسد ” المعروفة.
لقد ميّزت قبائل عن أخرى، وجهات عن أخرى، ومواطنين عن آخرين، واستخدمت المحاباة والرشوة والوظائف في الدولة والجيش في شراء شيوخ العشائر ووجهاء العوائل المتنفذة، واستخدمت رجال الدين الموالين لها في نشر الجهل والتخلّف، وربط إطاعة الحاكم بالدين واعتبار معارضته والخروج عن طاعته معصية، وأثارت النعرات الطائفيّة، وفشلت في حماية الأقليات الدينيّة.
هذه السياسة التفريقيّة المتعمّدة التي طبّقها الحاكم العربي لعبت دورا محوريا في تمزيق النسيج الإجتماعي، وبث العنصرية بين أبناء القطر الواحد، ونشر ثقافة الحقد والكراهية بينهم وبين إخوانهم العرب في الأقطار العربية الأخرى، فعمّ الظلم والفساد، وتزعزعت قيم المودّة والوئام وحلّت مكانها قيم الإنتقام، فضعف ولاء المواطن لوطنه، وانتشرت جرائم الثأر القبلي والعائلي، وأصبح المواطن لا يعرف إذا كان الوطن ملكا للجميع، أو ملكا للحاكم وقلّة من المنتفعين الذين يشاركونه في تضليل الناس واستغلالهم والتحكّم بمصائرهم.
إن من ينظر إلى مجتمعاتنا العربية نظرة حياديّة يصدم بالحقيقة المرّة التي لا يمكن إنكارها . القواعد العسكرية الأجنبية موجودة في العديد من الدول العربية، والجيوش الأجنبية تسرح وتمرح وتدمّر بحرّية أينما تشاء، وإسرائيل ” تبرطع ” من المحيط إلى الخليج كما تشاء، وأمريكا وبريطاني وفرنسا وإسرائيل .. تلعب دورا هاما في القرار السياسي الذي يتّخذه معظم الحكام العرب، ولا يوجد قطر عربي واحد لا يعاني من مآسي الإنقسامات الداخلية والفقر والجهل والتخلّف والضياع .
الخلافات والإنقسامات القبليّة والجهويّة والدينيّة والحروب الدامية والتخلف، وغياب الحرية والديموقراطية والعدالة الإجتماعية التي يعاني منها الوطن العربي من المحيط إلى الخليج لم تأت من فراغ. إنها استحقاقات متراكمة نتجت عن سياسات الحكّام العرب المتعاقبين الذين طبقوا سياسة ” فرّق تسد ” وآمنوا بفلسفة ” أنا ومن بعدي الطوفان !! “
التاريخ شاهد على أن شعوب العالم رفضت مستبديها وطغاتها، وانتصرت عليهم، ووضعتهم في مزابل التاريخ، والشعب العربي سيتخلص من طغاته حتما، وسينجلي الّليل وتشرق الشمس من جديد !