باغتني أحد الإخوة اليمنيين حين أرسل لي مقطع فيديو يوثق “لخطبة ” احد “الدعاة” السعوديين أمام جمع من الجنود السودانيين من أجل حثهم على القتال في اليمن وتحت مسميات وعناوين براقة لامعة على غرار أنكم هنا “من اجل رسول الله” وغيرها من الكلمات التي “ألهبت” حماسة أولئك الجنود “الضائعين”.
تساءلت حقا ماذا ترك ذلك “الداعية” وغيره ليوم “تحرير فلسطين” {سيأتي ذلك اليوم حين لا يبقى منبر لأمثاله وأسياده طبعا}؟ ولماذا الإصرار على اللعب عبر ذلك الوتر الديني الحساس لإذكاء نار الفتن؟
المتابع لذلك المقطع الذي انتشر بعد ذلك على السوشال ميديا وتلقفته بعض الفضائيات التي لا تخجل من القول بأننا أمام “لعبة” مفضوحة للانتقام من الشعب اليمني والتفنن في التنكيل به، سيحتار ويستفسر حول إذا ما كان كل هذا “الحقد” يملآ الصدور تجاه الأشقاء ,فكيف يمكن “الحشد ” و التعبئة ضد العدو الصهيوني مثلا؟ {رغم انه أضحى في المرتبة الأخيرة الآن ولم يعد عدوا من الأساس لان الخريطة تغيرت}.
“التوظيف” المقرف لرجال الدين وما يقترفونه من فظاعات يندى لها الجبين “خطة” مكشوفة كانت دوما السعودية تلجأ إليها وتستفيد منها عبر عقود خلت ,لكنها تأبى الاعتراف اليوم بأن الواقع يفرض تغيرا في “التكتيك” لان القناع سقط وصار بالإمكان وبمنتهى السهولة كشف الغث من السمين و”أوراق” النظام السعودي في هذا الصدد محروقة بالكامل ويمكن استنتاج ذلك عبر جولة قصيرة على صفحات أولئك الشيوخ على مواقع التواصل الاجتماعي وما يصلهم من شتائم وتغريدات يحمل أصحابها فكرا أعمق يفضح دجلهم وتخلفهم.
لكن في الخندق الآخر كنت أتمنى من الإعلام السوداني ان يتحلى بالقليل من الشجاعة ويفضح تلك المسرحيات التي يدفع ثمنها ابناء الوطن الذين يتم الزج بهم في معركة خاسرة وضد أشقائهم اليمنيين من اجل “شعار كاذب” لم يعد ينطلي على أحد سوى من اطلقه ذات يوم تحت دافع الغرور والعنجهية.
صحيح ان وسائل الاعلام يمكن ان نلتمس لها “العذر” اليوم ذلك ان “معارك” النظام السعودي الحالي اضحت لا تعد ولا تحصى وكل يوم تفتح “جبهة حرب ” جديدة سعيا للتستر على التي سبقتها، و”المساكين” تبين ان لا قرار لهم سوى “السمع والطاعة ” والاستمرار في تغطية “انجازات” مرحلة “العزم والحزم” الخالدة الابية صاحبة النهاية المعلومة.
رغم ان كل المعطيات تحمل خلاصة واحدة موحدة ان “لعنة ” اليمنيين ستلاحق كل الطغاة اينما حلوا وارتحلوا والدليل في “التخبط ” الحالي الذي جعل منهم “أضحوكة ” الجميع من “هامبورغ ” حيث قمة العشرين الى “طنجة ” مسرح الاجازات السنوية الغنية بالاحداث ..
اما نحن فقد كنا وسنظل “أوفياء ” لتغطية الوجع اليمني وفضح كل من نكل بهذا الشعب الابي الكريم ..
وعلى الوعد والعهد باقون ..
للحديث بقية ..
من يصدق انقلاب “الجزيرة” على “التحالف العربي”؟:
والله وعشنا حتى صارت قناة الجزيرة تتحدث عن ضحايا العدوان السعودي على اليمن لا بل وتعددهم وتقول بان امرأة وثلاثة أطفال {الان يمكن ان يعترفوا انهم قتلة الاطفال ويغتالون الزهور في واضحة النهار} من أسرة واحدة في غارة لما يسمى “التحالف العربي” على منزل في جنوب صنعاء.
نعم هذا ما يحدث ويفتح الباب على مصراعيه نحو تغير كبير لتغطية المأساة اليمنية من لدن القناة القطرية، ليس “حبا” في اليمنيين بالطبع ولكن لفضح انتهاكات “الشقيقة الكبرى” التي قررت تأديب الصغرى ذات ليلة “ما فيها ضوء قمر كما يقول الاشقاء في الشام”.
المنطقي هنا ان نتساءل: كيف علينا ان نتقبل “صحوة الضمير” هذه؟ وهل هي كذلك بالفعل؟ واين كانت هذه القناة “الانسانية” صاحبة السجل الحافل في الاخاء والتسامح والمحبة حتى الان؟
والمحرج اكثر ماذا سيقول اخواننا الاعلاميين الذين كانوا حتى الامس القريب يهاجمون كل من يتحدث عن اليمن بحجة واهية هي “الاصطفاف في الخندق الايراني”؟