حكم المحكمة العليا باستمرار مبيعات الأسلحة البريطانية للمملكة العربية السعودية القانوني قد لا يكون مفاجئا ولكنه ليس صادم. الحرب الأهلية في اليمن التي تستخدم فيها كافة الأسلحة غير مجدية ومدمرة فكلا الجانبين مذنبين بالهجمات على المدنيين ولا يمكن الانتصار في هذه الحرب حيث الأسلحة البريطانية والعسكريين البريطانيين الذين يقدمون الدعم التقني يساعدون على إطالة أمد الحرب وبالتالي زيادة معاناة المدنيين. ومن ناحية أخرى، فإنهم يساعدون الشركات البريطانية على جني الكثير من المال، الأمر الذي يهم بشكل واضح تيريزا ماي، التي زارت الرياض في أبريل / نيسان وأوضحت أن “من المصلحة الوطنية أن يضمنوا أن القيم التي تدعمهم كبريطانيين هي القيم التي يروجون لها في جميع أنحاء العالم “؛ حيث ان الصفقات التجارية مع الخليج ستكون مهمة جدا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وهذه القضية هي نتيجة حملة طويلة لفضح استخدام الأسلحة البريطانية وإن أمكن لإنهائها كجزء من التدخل السعودي في الحرب الأهلية اليمنية، وفي كل خطوة، عملت الحكومات المعنية على تشويش الحقائق الواضحة. في الشتاء الماضي اعترف وزراء في الحكومة البريطانية بأن “عددا محدودا” من القنابل العنقودية البريطانية المحظورة الآن بموجب القانون الدولي قد استخدمت في الحرب الحالية. وتحت ضغط إضافي، تبين أن 500 منها قد بيعت في أواخر الثمانينات، في حين أنها لا تزال قانونية.
والمرعب في القنابل العنقودية هو أن القنابل الغير متفجرة تشكل تهديدا دائما للمدنيين حتى بعد انتهاء الحرب. وهناك الكثير من الرعب أيضا في القنابل التقليدية التي تقتل المدنيين بمجرد إسقاطها. فقد قصف التحالف الذي تقوده السعودية المدارس والمستشفيات في اليمن، ولكن آثار الضربات الجوية تتجاوز ذلك بكثير. وقد نزح ثلاثة ملايين شخص من ديارهم؛ وقتل مالا يقل عن 12000 مدني في الحرب غير المجدية حتى الآن؛ ويتعرض مئات الآلاف للتهديد بوفاة أبطأ بسبب المجاعة أو المرض نتيجة للاضطراب الذي سببته الحرب. وكان بعض التهجير متعمدا تماما: كما حدث في مدينتي صعدة ومران حيث حذرت القوات السعودية جميع المدنيين من مغادرة المدينتين لأنهما سيتم قصفهما كمواقع عدو.
وبالرغم من المعايير الدقيقة لإصدار التراخيص التي تربط وزارة الخارجية، من الواضح أن الاسلحة قد تم استخدمها في انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتحتفظ وزارة الدفاع بقاعدة من بياناتها الخاصة عن الجرائم التي ارتكبت في النزاع، والى الان قد تم تسجيل 41 حادثة تظهر أن التحالف قد انتهك القانون الدولي. والسؤال هو ما مدى أهمية هذا الأمر، وما إذا كان يمكن تجنبه تماما وهل السعوديون يحاولون حقا أن يتعلموا من أخطائهم؟
لقد تم الاستماع للكثير من دفاع الحكومة في المحكمة العليا سرا، ولا يزال الحكم مغلق على المواد التي تعتبر حساسة للأمن الوطني. ولكن من الواضح أن المحكمة مقتنعة بالحجة القائلة بأن القوات المسلحة السعودية، ستحسن من طرق استهدافها في المستقبل لتجنب المزيد من الضحايا المدنيين. وبالتالي يحق لوزيرة الخارجية أن تستنتج أن مبيعات بريطانيا ودعمها قد يستمران وهذه هي العقلانية الخاصة بالمؤسسة البريطانية والتي قد تؤدي الى استنتاج مختلف لذا سيطالب أصحاب الحملات المعارضة لبيع الأسلحة بالإذن بالاستئناف في المحكمة وينبغي منحهم ذلك.