من الأمراض الاجتماعية ثلاثة أمراض لها مخاطرها الوخيمة، إنها السلالية، المذهبية، والمناطقية، أما فيروساتها الخبيثة فتتمثل في مخرب مُستأجر وعميل منحط وفاشل دعي، وإذا ما كانوا يتساوون في الحقارة والازدراء فإن من يفوقهم حقارة وانحطاطا هو من يدعي الوطنية والنزاهة، وقد جعل من إحداها أو ثلاثتها شعاراً فوق رأسه وبوقاً في فمه.
لو بحث الناس عن أوصاف لمن هو الأكثر حقارة وخسة في أي مجتمع كان – لما كان غير من يدعي الوطنية أو قيمة من القيم النبيلة بلباس السلالية أو المذهبية أو المناطقية، وقد نظلم المشبه به إذا ما شبهناه بزانية لم يحصنها الزواج، وتدعي الطهر والعفاف، بل وترمي العفيفات المحصنات بالرذيلة، قد يكون في هذا التشبيه شيء من القسوة، أو ما يراه البعض عدم لياقة، إلا أن له في نظرنا ما يبرره، وهو اختصار الحديث عنهم وعما يلحقونه بمجتمعاتهم من أضرار، وما يرتكبونه من جرائم في حق الآخرين، ويأتون به من مساوئ لا تتوقف مخاطرها، على جانب بذاته أو جيل بعينه.
في العام 2005م سألت الرئيس علي عبدالله صالح قائلاً: من خلال تجربتك الطويلة في القيادة وتعاملك مع الجيد والسيئ، لو سالناك عن أسوأ من أسندت إليه مهام قيادية؟؟ أجاب على الفور، ذلك الذي يأتيني ليبرر فشله وعجزه بمبررات سلالية أو مذهبية أو مناطقية.. كان يقول الفئة أو الشريحة الفلانية أعاقتني أو عملت ضدي.
أعجبت كثيراً بهذه الإجابة، ومكثت استحضرها كلما رأيت من يسلك ذلك المسلك أو تصلني أخباره.. وها أنا اليوم استحضر تلك الإجابة كلما رأيت وسمعت وقرأت من لا يستطيع إخفاء عمالته وخيانته، وارتزاقه ونفاقه واصطفافه مع معاول هدم وطنه، والمتأمرين عليه إنساناً وأرضاً وسيادة.. الخ.
إنهم ممن لا يستطيعون إخفاء ما انحدروا إليه إلا بالإمساك بأحد أضلاع مثلت الحقارة “السلالية – المذهبية – المناطقية ” أو بها مجتمعة، ومع ذلك نقول: لا نخشاهم، بعد سطوع الحقيقة لكل الناس، وسقوط جميع الأقنعة.. وصار الفاشلون يلجأون إلى كل ما يلجأ إليه فاقد الحُجة وعديم الرؤية، كما تقول الحقائق المعاشة، وما تشهد به كتب التاريخ على أمثالهم ومن على شاكلتهم، إن اليمن المحصن بمعرفته الجيدة لعدوه المدرك لمصادر السهام المسمومة الموجهة نحو سيادته على أرضه، وامتلاكه حرية واستقلال قراره لهو أقوى من كل التآمرات وإن تقمصت لباس الرهبان أو أطلت بقرون الشيطان. لتشعل ناراً وقودها الناس والقيم والمبادئ النبيلة.