الصباح اليمني_مساحة حرة|
ظهر الشغب في مدرجات ملعب الحبيشي بمدينة عدن السبت الماضي في صورة كائن خرافي أهوج تقمص العنف على طريقة ديناصور.. ويامليون سبحان الله..!
والغريب أن هذه المباراة التي كبس فيها الشغب على أنفاس معظم عشاق كرة القدم الأسوياء كانت بين العميد التلالي وأخضر عدن.. الناديين اللذين تعلَّم جمهور البلاد منهما فنون التشجيع الجميل وآهاته وروعاته.
* وبسبب التناول الإعلامي للأحداث الخطيرة بطريقة “أهدي سلامي وتحياتي” لم أفهم، ولم يستوعب الكثيرون ما الذي حدث وتسبب في قيام جزء من جمهور المباراة بإحداث دمار في جزء من مدرجات ملعب تاريخي طالما كان مسرحًا للبهجة والفرح بلغة كرة القدم، ومنطق “لا بد من فائز وخاسر” في أي نهائي كأس، خاصة لو حمل اسم عدن، الروح والفن.
* أحداث الشغب تلك لم تكن سابقة في التاريخ الرياضي، لكنها لم تخطر على بال الكثيرين لأنها استهدفت تدمير كراسي المدرجات لملعب رياضي في بلد يبحث عن التعافي ولو بالقطارة..!
وشخصيًّا وددت لو أعرف سببًا واحدًا يفسر لماذا كان تدمير كراسي مدرجات ملعب الحبيشي في مدينة عدن هدفًا لبعض المتعصبين الأشقياء..؟
هل كانت فرحة عشاق ضالين بالفوز ، أم حالة قهر وإحباط من هزيمة، أم تفاعلات مريضة تجاه طاقم تحكيم دخلوا المباراة طلبًا لتزيين اسم، وإثبات جدارة، وتحقيق عدل، فاحتفظوا بالصافرة والبيارق، ولم يكن لهم حول ولا طول في إقناع بعض الجمهور بجمال أن يأخذوا أحداث المباراة على محمل السلامة والروح الرياضية..؟
* وعلى رأي الراحلة وردة الجزائرية مع التصرف… (إذا كنت مخاصم للنتيجة أو الحكم أو المنافس إيش ذنب الورد)، وكيف لكم أن تحطِّموا مدرجات وكراسي مدرجات احتضنتكم بكل الترحاب والحب..؟ ثم هل كان ما حدث انفعالات رياضية تجاوزت الحدود، أم يصح القول بأن هناك من اندس لإفساد الأجواء الرياضية في مدينة تتنفس الرياضة تاريخيًّا..؟
* لنفترض أن حكم الساحة أخطأ، أو أن الحكم المساعد لم يرفع راية تسلل، أو أن آخر كرر رفع الراية اعتقادًا بأنه وريث صلاح الدين الأيوبي، أو أن المعاش تأخر، أو فقد قدرته الشرائية في سوق سمك صيرة، أو غيرها من الأسواق، هل الحل في تدمير المدرجات والإساءة إلى الأخلاق والروح الرياضية..؟
* وهنا أتمنى على لجنة التحقيق التي شكلها وزير الشباب والرياضة برئاسة الدكتور عزام خليفة أن يكون في تقريرهم النهائي ما يضع النقاط على الحروف، وأن يكون في المعالجات ضبطًا وربطًا وحلولاً تمنع تكرار ما حدث، بسلطة القانون طالما عجزت سلطة الروح الرياضية في منع ما حدث من شغب وتدمير أخشى أن يقيد ضد مجهول..!
* مباراة انتهت بركلات الترجيح، وهي في الأغلب ضربات حظ.. هل يستدعي حالها ومقالها لجوء بعض جمهور الملعب لتحطيم ما وصلت إليه أيدي الشغب في مشاهد لم تكن في الواقع إلا خلطة انفعالية تخريبية لا تليق بجمهوري التلال ولا الوحدة، ولا تتناسب مع جمهور محسوب على عدن الفن والروح وتجليات الإبداع في كل شيء.
* يكفي أن كرة القدم وأندية عدن والبلاد كلها تعرضت للتهميش ووقف حال المسابقات، وجرى استبدال ذلك بأنشطة محدودة تحت مسميات متواضعة غابت عنها حسنة تنافُس الكل مع الكل لتطوير مستويات اللاعبين وغيرهم من ركائز وعناصر الرياضة، فما هو الداعي لأن يصل الحال درجة العبث والتدمير للمتاح الذي يحاول أوفياء الرياضة تنظيمه هنا وهناك على نطاق ضيق، في تصرفات جاهلة لا تدرك حقيقة أن وجود أي شكل من أشكال النشاط خير من العدم الذي لا يعني سوى الجمود والبلادة.
* أنت تشجع ناديًا حقق لك الفوز، كن عقلانيًّا وأنت تفرح.. تجنب استفزاز المنافس.
أنت تعشق ألوان النادي الآخر خسر مباراة أو حتى بطولة، لا تنسى أنّ الفوز والخسارة جزء أصيل في كرة القدم.
كن مشجِّعًا من طينة الأوفياء لمبدأ أن الرياضة تجمع ولا تفرق.. ضع علاقتك بناديك والأندية الأخرى في إطارها المعرفي والأخلاقي، وكن في حالة استعداد لكل الاحتمالات حتى لا يقودك الشيطان إلى تدمير أجواء المباراة وتدمير منشأة هي موجودة من أجلك.
* ويا سلطات الإدارة والقيادة والرياضة في البلاد.. اهتموا واقتنصوا كل فرصة ومورد لإيجاد ملاعب تستوعب أحلام وطموحات الجمهور ، فالبيت الذي كان يصلح لثلاثة أولاد لم يعد مناسبًا بعد أن تزوجوا وصار لهم إخوة وأحفاد، بنات وأولاد.. زَوِّدوا الملاعب بكاميرات تصوير ترصد المشاغبين، فتمنع الانفلات والتحطيم قبل حدوثه، وتساعد الأمن على ضبط المشاغب بأدلة كاميرات لا تبرر ولا تكذب ولا تتجمل..
* كرة القدم.. عشق وصبابة، وإثارة جميلة محكومة بالروح الرياضية، وليست أبدًا ساحة لإسالة دم أو تحطيم كراسي ملعب، تعكيرًا لما تبقى من شظايا صفو الحياة..
المصدر: صحيفة اليمني الأميركي