تشير التحركات الأخيرة من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى أن الدولتين قد تبحثان عن سبل للحد من التوترات مع إيران بما في ذلك التقارب مع زعيم ديني شيعي عراقي وسياسي قوي، فضلا عن مقاضاة رجل دين سعودي متشدد بتهمة خطابات تحرض على الكراهية، وتسريب رسائل البريد الإلكتروني، تشير إلى رغبة محتملة على التقارب مع إيران بشكل بناء، فهبوط التوترات السعودية الإيرانية يمكن أن يسهم في الحد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي الوقت نفسه، فإن سلسلة من البيانات والتطورات تطرح تساؤلات عن مدى جدية السعودية والإمارات العربية المتحدة حول امكان التقارب مع إيران. وما يزيد من تعقيد الأمور، هو حقيقة أنه من غير الواضح من الذي سيقود التقارب مع إيران، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أو نظيره الإماراتي ولي العهد محمد بن زايد.
الإمارات العربية المتحدة، وإن كانت أصغر بكثير من حيث الحجم والسكان عن المملكة العربية السعودية، فهي الرأس المدبر للأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية لقطر التي طال أمدها لمدة شهرين والتطورات الحاصلة في الحرب على اليمن.
وقد سارعت حركة البريد الإلكتروني بين السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، وثلاثة مسؤولين أمريكيين سابقين، مارتن إنديك،
الذي خدم في إدارتي كلينتون وأوباما، ستيفن هادلي، مستشار الرئيس جورج دبليو بوش للأمن القومي، وإليوت أبرامز الذي نصح الرئيسين بوش و رونالد ريغان، وكذلك مع الكاتب في صحيفة واشنطن بوست ديفيد إغناتيوس, الى كشف استراتيجية الإمارات العربية المتحدة للعمل من خلال المملكة العربية السعودية لتحقيق أهدافها الإقليمية.
وتساءل السيد أبرامز عن تأكيد دولة الإمارات العربية المتحدة حديثا في رسالة موجهة إلى السيد العتيبة:
” الهيمنة الجديدة! الإمبريالية الإماراتية! حسنا إذا كانت الولايات المتحدة لن تفعل ذلك، شخص ما يجب عليه الامساك بزمام الأمور لفترة من الوقت. “
ورد السيد العتيبة: “نعم، كيف نجرؤ على ذلك! بصدق، لم يكن هناك الكثير من الخيارات. لقد صعدنا وبرزنا فقط بعد أن اختار بلدك التنحي “.
وهو إشارة إلى التصورات بأن الرئيس باراك أوباما قد انفصل عن الشرق الأوسط.
وتطرق السيد العتيبة إلى العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة والسعودية والأمير محمد قائلا:
“أعتقد على المدى الطويل سيكون لنا تأثير جيد على المملكة العربية السعودية، على الأقل مع بعض الناس هناك. وتستند علاقتنا معهم إلى العمق الاستراتيجي والمصالح المشتركة، والأهم من ذلك هو الأمل في أن نتمكن من التأثير عليهم وليس العكس.”
وفي تبادله مع السيد إنديك والسيد إغناتيوس، السيد العتيبة، الذي كان يروج للأمير السعودي في واشنطن على مدى العامين الماضيين، لم يكن متشككا حول دعم الإمارات للملك المستقبلي المحتمل كعامل تغيير يعتمد على السياسات التي تدعو إليها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال العتيبة في إحدى هذه الرسائل، في إشارة إلى الأمير محمد بأحرفه الأولى: “أعتقد أن محمد بن سلمان أكثر شخصية براغماتية بكثير مما نسمع عنه في المواقف العامة السعودية”.
ولا أعتقد أننا سنرى أكثر من أي وقت مضى قائدا أكثر براغماتية في ذلك البلد. وهذا هو السبب في إشراكه وسوف نحصل على معظم النتائج التي يمكن أن نخرج بها من السعودية “. وقد أعطت المحادثات مصداقية للاقتراحات التي تقول ان السعودية والامارات قد تسعى الى خفض التوتر مع إيران. ومع ذلك،
ووصف السيد إنديك اجتماعه مع الأمير محمد السعودي في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى السيد العتيبة بتاريخ 20 أبريل / نيسان، إن الأمير “كان واضحا تماما مع ستيف هادلي أنه يريد الخروج من حرب اليمن وأنه على ما يرام مع إشراك الولايات المتحدة لإيران طالما وجد التنسيق والأهداف الواضحة”.
للوهلة الأولى، موقف الأمير محمد، الذي أعرب عنه قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ج. ترامب التاريخية للمملكة في مايو وأزمة الخليج توافقت مع جهود السيد ترامب لإيجاد سبب لعدم التصديق على امتثال إيران للاتفاق النووي الذي دام عامين والذي أدى إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية. وبموجب الاتفاق، يجب على السيد ترامب أن يصدق في الكونغرس الأمريكي كل ثلاثة أشهر على ذلك، ومن المقرر أن يفعل ذلك في أكتوبر.
والعبارة الرئيسية في تصريحات الأمير محمد بن سلمان هي الأشارة الى “الأهداف الواضحة”. لم توضح رسائل البريد الإلكتروني ما قصد به الأمير بالإشارة الى الأهداف الواضحة. وطالب مسؤولون سعوديون كبار مرارا بأن توقف إيران تدخلها في سوريا والعراق، فضلا عن دعمها لمجموعات مثل حزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين في اليمن.
كما وصف السيد إنديك تأييد الأمير محمد للمشاركة الأمريكية مع إيران يتناقض مع أقواله بتنافس بلاده مع إيران من الناحية الطائفية في مقابلة مع التلفزيون السعودي في مايو / أيار. وأكد الأمير محمد في المقابلة أنه لا يمكن أن يكون هناك حوار مع إيران لأنها تروج لعقيدة شيعية.
ووسط ضباب التحركات المتناقضة، يبدو أنه سيكون هناك تنافس سعودي ايراني في المرحلة المقبلة إذا لم تتفاقم الصراعات المتعددة في الشرق الأوسط.