الصباح اليمني | ترجمة خاصة |
يخطط التحالف الأمريكي السعو-اماراتي لمضاعفة الحل العسكري في اليمن وهي وصفة كارثية, فالحرب الأهلية في اليمن مأساوية ولكن لم يتم ذكرها في خطابات الرئيس ترامب المكتظة بالحديث عن الإرهاب ووعوده ببيع أسلحة للمملكة السعودية بقيمة تصل الى 110 مليار دولار خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.
وفي خضم البذخ السعودي والبهرجة قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون للصحفيين بأنه يحب على جماعة الحوثيين الاعتراف بأنهم “لن ينتصروا عسكريا أبدا” و “من المهم ان نواصل الضغط عليهم”.
للأسف، فإن المزيد من الضغوط العسكرية هو بالضبط ما يجب تجنبه. وبدلا من تصعيد الحرب، يجب على الولايات المتحدة المساعدة في انهائها – وكلما كان ذلك في اقرب وقت كان أفضل، لملايين اليمنيين وسمعة أميركا في الشرق الأوسط.
أضر الصراع خلال عامين بسكان اليمن ودمرت البنية التحتية للبلاد. بينما يرفض الجانبان الجلوس على طاولة السلام، وباستخدامهم للجوع كسلاح في الحرب، خلقت أزمة إنسانية في العالم. وبفضل إغلاق مطار صنعاء الدولي والحصار البحري للتحالف تراجعت واردات الوقود والغذاء والادوية، اذ أصبح غالبية اليمنيين يعيشون وضعا مزريا للغاية.
ومع ذلك، فإن قرار إدارة ترامب الواضح والمتمثل في السعي إلى حل عسكري فقط دون النظر الى التداعيات الاستراتيجية والإنسانية سيجعل ذلك من تحقيق السلام أمرا صعبا.
ويحاول البنتاغون، جنبا إلى جنب مع المسؤولين السعوديين والإماراتيين وحكومة اليمن المعترف بها تسويق فكرة الهجوم السريع من أربعة إلى ستة أسابيع على ميناء الحديدة الحيوي والذي سيعيدون فتح طرق الإمدادات الإنسانية فيه كليا ويجبرون خصومهم به على التفاوض.
في الواقع، من المرجح ان يتحول الهجوم على ميناء الحديدة الى مجرد محاولة مماثلة كما حدث قبل عامين في قصفهم للعاصمة صنعاء اذ تحدثوا بانه لن يكلفهم دخول صنعاء سوى عدة أسابيع وتنتهي الحرب.
علاوة على ذلك، فإن الهجوم الجديد على الميناء، الذي يعتمد عليه معظم المدنيين اليمنيين والذي من خلاله تتدفق معظم المساعدات الإنسانية، سيعجل من المجاعة.
وعلى الرغم من ادعاءات البنتاغون بأن زيادة الضغط العسكري الأمريكي على الحوثيين في الحديدة سيجلبهم إلى طاولة السلام وسيضعفون بذلك النفوذ الإيراني في اليمن، فإن الهجوم سيكون له على الأرجح تأثيرا معاكس: فهو سيعطي طهران ذريعة طال انتظارها وهو تصعيد الدعم للحوثيين، وإضفاء الشرعية على مطالبة جماعة الحوثي بالدفاع عن اليمن من العدوان الخارجي.
في الواقع، تحول الصراع إلى معركة أخرى بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران، مع كل العداء الطائفي الذي يرافق هذا التنافس.
أي مفاهيم عن ” الطيبين” و “الأشرار” في الحرب قد تبخرت منذ فترة طويلة؛ فقد قام التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيون والقوات الموالية للحكومة الشرعية بكسر قوانين الحرب وارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني مع كل ذلك يتساءل المرء كيف يمكن للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أن تمضي في مسارها.
في هذه الحرب لم يكن هناك أي هدف مدني محظور؛ وقد قصفت الطائرات الحربية السعودية المدارس والمستشفيات والعيادات الطبية وحفلات الزفاف والجنازات وحتى مخيمات اللاجئين. وفي الوقت نفسه، قصف الحوثيون المناطق المدنية، واستخدموا الألغام المضادة المحظورة للأفراد في ست محافظات على الأقل، ونهبوا قوافل المساعدات الإنسانية، وأرسلوا أعدادا متزايدة من الجنود الأطفال إلى الخطوط الأمامية.
وعلى الرغم من تأييد واشنطن الخطابي للحل السياسي، فقد غذت حرفيا حملة القصف السعودي لأكثر من عامين. وكسبت مليارات الدولارات في مبيعاتها من الأسلحة للسعوديين والإماراتيين واعطت الفرصة بذلك لارتكاب أسوأ الانتهاكات الإنسانية.
وطالما تلعب الولايات المتحدة لعبة اشعال الحرائق في ليلة وفي اليوم التالي تطفأها، ستستمر الحرب في اليمن ولن يكون لدى أطراف النزاع أي حافز للمشاركة في عملية سلام شاملة. وهذا يعني أن الآلاف من المدنيين سوف يموتون في القتال البري والغارات الجوية، وتفشي الكوليرا في الآونة الأخيرة سوف يخرج عن نطاق السيطرة، حيث أن البنية الأساسية الصحية في اليمن أضحت هشة، وستظل الجماعات الإرهابية مثل القاعدة المستفيد الاكبر من العنف.
Defense One
خليك معنا