الصباح اليمني_ تقارير| خاص
بالنظر إلى بنك الأهداف الفعلية التي استهدفها “التحالف” الذي تقوده السعودية والإمارات وحلفائهم في اليمن، منذ 2015م وحتى اليوم، يرى المتابع أن الحرب أبعد ما تكون عن كونها مجرد حرب عسكرية تهدف إلى إعادة “شرعية” أو أيًا من الأهداف المعلنة في البيان الأول، حيث تنوعت أشكال وطرائق الاستهداف في مختلف الجوانب الحياتية والثقافية، ما يؤكد عقدة الحقد والنقص الكبيرة التي يشعر به “التحالف” بالنظر إلى تاريخ وتراث اليمن السعيد حسب مراقبون.
السعودية والإمارات حديثتي النشأه، التي يعتبرهما مؤرخون مجرد “ممالك الخيام والصحراء”، والفاقدة للتراث والتاريخ، اتجهتا لحربهما في اليمن، مرتبكة خلال أكثر من 4 أعوام، جرائم حرب مسكوت عنها من قبل الجهات المعنية الدولية، تمثلت باستهداف عشرات القباب والأضرحة وعدد كبير من المآثر والمواقع والمدن التاريخية على امتداد الجغرافيا اليمنية شمالا وجنوبا، بعضها أوعز “التحالف” لفصائله المسلحة بتدميرها وتفجيرها، وصولا إلى نهب وتهريب آلاف القطع الأثرية من المواقع والمتاحف، آخرها ما كشف عنه مؤخرا من مئات القطع الأثرية بحوزة جماعة “أبو العباس” المدعومة إماراتيا، في مجمع السعيد التربوي، بمحافظة تعز، الذي اتخذته الجماعة مقرا لها.
وتشير المعلومات حسب مصدر في مكتب الثقافة في تعز، أنه تم ضبط مئات القطع الأثرية، نهبتها الجماعة السلفية إحدى فصائل “التحالف” نهبتها من متحف بتعز، وأخرى كانت “القاعدة” قد نهبتها من متحف أبين جنوب اليمن، وأدّعى “أبو العباس” أنه سلمها كاملة إلى تعز| العثور على مئات القطع الأثرية في مقر قيادة “أبو العباس”مكتب تعز، وهذا ما نفاه الأخير.
وعلى مدى أكثر من 4 أعوام من الاستهداف المباشر لليمن، تشير المعلومات أن “التحالف” دمّر أكثر من 130 معلما أثريا، منها كانت بحق مدينتي صنعاء القديمة وصعدة شمال اليمن، اُستهدفتا بعشرات الغارات المباشرة، أبرزها كانت في يونيو من عام 2016م على “حارة القاسمي” بصنعاء خلّفت تدمير 8 منازل تاريخية بشكل كلي وتضررت عشرات المنازل والمعالم التاريخية المجاورة بتشققات وتصدعات متفاوتة، حسب “الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية”.
وتكرر الاستهداف المباشر للمدينة المدرجة ضمن مدن التراث العالمي لدى اليونسكو، في 19 من سبتمر 2017م، حيث شن “التحالف” عدة غارات تضرر على إثرها 200 منزلا تاريخيا تضررت من القصف حسب الاحصائيات، وبعدها تكررت عشرات الغارات ومعها مئات الأضرار في الإنسان اليمني والأرض التاريخية التي سكن عليها عشرات الأجيال.
وفي السياق، رصدت تقارير لهيئة الحفاظ على المدن التاريخية فرع صعدة، أن 140 معلما تاريخيا منها جامع الإمام الهادي و76 منزلا تاريخيا، منها ما دمّر بشكل كلي، وأخرى احصائيات لخسائر أثرية واسعة لحقت مدينة كوكبان التاريخية.
وفي 21 مايو 2015م، استهدف”التحالف” متحف ذمار الإقليمي، وتسويته بالأرض وكان في الأسابيع الأولى من بدء الحرب، وهذا ما يؤكد المؤكد أن التحالف إنما جاء إلى اليمن بهدف استهداف تاريخ وتراث اليمن، ويشير القائمين على المتحف المستهدف بذمار خسارة 12 ألف قطعة أثرية انتهت أكثر من نصفها بشكل كلي، إثر الغارات.
المتحف العسكري في عدن، ومتحف قلعة القاهرة الشهيرة بتعز، كانا من المتاحف اليمنية التي قصفها “التحالف” بشكل مباشر، دمرت فيها اكتشافات أثرية ثمينة، وتدمير حصيلة 14 عام من الترميم والصيانة في قلعة القاهرة ذات التاريخ العريق.
وفي تصريح سابق لرئيس هيئة الآثار والمتاحف، قال أن الهيئة وفروعها في المحافظات والمدن اليمنية، لم تتمكن من الوقوف على حجم الأضرار والتدمير الذي لحق بقلعة القاهرة ومتحفها حتى الآن، وبعض المناطق في اليمن.
ولإن استهداف وطمس شواهد ومعالم تاريخ اليمن العريق، كان بهذه الصورة الممنهجة ومن الأهداف الأوليّة لـ”التحالف”، فقد جنّد كل فصائله المسلحة المزروعة في المناطق التي يسطير عليها، ودفعها إلى تهريب ما أمكنهم تهريبه ومالم يستطيعوا نقله كالمعالم التاريخية، تفجيره وتفخيخه عبر هذه الأدوات، كما فجرت “داعش” في نوفمبر 2015م، بسيارة مفخخة داخل مدينة شبام كوكبان حضرموت التارخية، أقدم ناطحات سحاب في العالم.
وكانت خسائر هذا الاستهداف الإرهابي كبيرة، تضاف إلى جرائم تفجير عشرات القباب والأضرحة التاريخية، التي دمرتها فصائل مسلحة تتبع السعودية والإمارات في تعز وحضرموت وعدن ولحج، إضافة إلى جرائم تهريب ما استطاعوا الوصول إليه من قطع أثرية في هذه المناطق.
وتبقى مشكلة استهداف “التحالف” وفصائله المسحلة، للآثار اليمنية وطمس معالمها بالشكل الممنهج، ردة فعل عن عقدة نقص لدى من لا يملك التاريخ والحضارة، حسب مراقبون، الذين أضافوا أنه من خلال ذلك تهدف السعودية والإمارات إلى محو التاريخ الذي يعود بعضه إلى ما قبل آلاف السنين قبل الإسلام، من ذاكرة الشعب وهدم هويته وانتمائه، ولمواجهة ذلك دعا ناشطون المنظمات العالمية المعنية بحماية التراث، القيام بواجباتها في وقف ما اعتبروه نهش في بنية اليمن الثقافية والحضارية.
خليك معنا