الصباح اليمني_مساحة حرة|
لا ينكر أحد أن البشرية اليوم قد وصلت مرحلة من التقدم العلمي والتكنولوجي لا يُجارى ولا يُبارى، وقد بلغت في هذا الجانب المادي شأناً عظيماً.
ولكننا على يقين بأن الحياة ليست كلها مادة وليس بالمادة وحدها تعيش البشرية.. هناك الجانب الروحي والإيماني والأخلاقي والإنساني الذي افتقدناه كثيرا في زماننا هذا بسبب الإعراض عن ذكر الله والتعالي والكبر واللهو مع اللاهين، وتناسوا هؤلاء قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى).
أمة إعلامها- مقروءاً ومسموعاً ومرئيا ومكتوباً- يمارس العُهر والرذيلة صباح مساء ويدعي الطهارة والثقافة وصوت الحريات.. أمة تعيش كالحيوانات الضارية في الشهوة، وكالشياطين في مقارعة القيم والاخلاق والحق.. أمة انتهكت حقوق المرأة وأوصلتها الى آخر محطة للرذيلة والفجور تروج بها السلع وصفحات الصحف والمجلات وأصبحت مسلية للتافهين الساقطين في أماكن الفجور والرذيلة.
هذا هو العقل البشري المادي الذي هوى الرذيلة وسقط في مستنقع الضياع وتحدّى نور السماء ويدعي بأنه يدافع عن الحريات ويكافح العنصرية بشتى صورها وأشكالها وهو غارق حتى النخاع في بحار التيه والضلال والفجور.
إن البشرية اليوم تعيش لنزواتها وشهواتها ورغباتها الحقيرة، تخاف على عروشها من الزوال، وتقاتل من أجل البقاء وهي تعلم علم اليقين بأنها راحلة وزائلة شاءت أم أبت..
لا ملاذ ولا نجاة إلا بإتباع النور الإلهي الذي أنزل على خاتم الانبياء والرسل فالكون كله لله..
وصدق العلي القدير القائل في محكم تنزيله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).. فلا صلاح للعالم.. ولا للبشرية جمعاء إلا بإتباع الرسالة المحمدية الخالدة والتمسك بمنهج الفطرة الموصولة بالوجود وخالق هذا الكون..
إن مصائر البشرية كلها في الدنيا والآخرة سواء كانت قبل الرسل أو بعد الرسل منوطة بيد الله عز وجل إن شاء عفاعنهم، وإن شاء عذبهم.. أما الرسل والأنبياء فقد أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة ومضوا إلى خالقهم خالصين منيبين.. وتقع المسؤولية اليوم على الأجيال الحاضرة فلا فكاك لهم من تحمل المسؤولية وإقامة حجة الله على الناس كافة.. هذه سمات المنهج الرباني الذي يحدد بدقة مهمة الرسل والأنبياء, التبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. الأمة اليوم محتاجة إلى توحيد الكلمة ورأب الصدع وإزالة أسباب الخلاف والتدابر..
وهذا لم يكن إلا بتآلف القلوب وصفاء النفوس ونقاء السرائر وترك التفرق والتحزب والتقاطع والتباغض الذي نهانا عنه القرآن الكريم ورسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام..
فما يؤسف له اليوم أن كثيراً من الناس تناسوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعاملوا بالربا والخداع وأخذ الرشاوى مغتصبين لحقوق الآخرين واستيلاء أموالهم وأراضيهم من غير حياءٍ ولا خوف من الله.
وهذا مصداق لقول رسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام: “ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أمن حرام”..
صفوة القول:
علينا أن ندرك حقيقة التوحيد.. ولم ولن يتحقق التوحيد في الأرض إلا بالتمسك الصادق والولاء الكامل لله والرسول والمؤمنين والبراء من الشرك والمشركين والمنافقين من ملاحدة وزنادقة وعلمانيين وغيرهم..
مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)..
لهذا وذاك فطريق الحق طريق طويل وشاق وملئ بالعقبات والأشواك والأحجار الشائكة ومن الحكمة قبل أن نخطوا إلى الأمام أن نذلل تلك العقبات ونزيل تلك الأشواك عن طريقنا,, ولنعد الى الزاد الحقيقي حتى لا ننزلق أو نصطدم بعقبة من العقبات المتناثرة هنا أو هناك.. أعداء الحق كثر والحرب الناعمة متواصلة وأهل الباطل وحزبه بالمرصاد لنا في كل وقت وحين, ولم يكتفوا بهذا بل يحاولون مسخ وطمس الهوية الايمانية من جذورها وتشويه العلوم الشرعية, واستبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية وإلغاء أية شعيرة من الشعائر الإسلامية..
خلاصة الخلاصة:
العالم العربي والإسلامي اليوم محاصر من كل حدبٍ وصوب.. ومؤامرات التشويه والتشكيك والتضليل لم ولن تتوقف الى قيام الساعة قال تعالي: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).
هناك حرب شعواء من الغرب لتشويه وتحريف وتزييف التاريخ والفكر الإسلامي، وهناك غزو من أنصار الفكر الوثني الإلحادي والفلسفي والحداثي والشعوبي لطمس الهوية الإيمانية من عقول وقلوب الشباب، وتمزيق صفهم وبث روح التناحر والتنازع بين أبناء الأمة الواحدة بإحياء روح العنصرية والطائفية والمذهبية، بل بين أبناء الشعب الواحد ليظلوا متفرقين متنافرين.. ومانراه اليوم خير شاهد ودليل على ما نقول ولكن.. (والله غالب على آمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).