نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا بقلم الدكتورة مضاوي الرشيد، استاذة الأنثروبولوجيا السعودية؛ المعروفة بمعارضتها للنظام، اعلنت فيه إنه منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئاسة، فإنه لم يضع إطارا لسياسة خارجية واضحة للعلاقات الأمريكية- السعودية.
وتقول الكاتبة: “لكن هذا الشهر جعل ترامب موقفه واضحا من أنه يجب على واشنطن ألا تقدم حمايتها لدول الخليج بالمجان، بالإضافة إلى أنه قال إن دول الخليج (ليس لديها شيء سوى المال)، وإنه ينوي أن يجعلها تدفع تكلفة (المناطق الآمنة) في سوريا، وفي الوقت ذاته عبر ترامب عن رغبته في تحسين العلاقات مع دول الخليج لمعالجة (الأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار)، التي تقوم بها إيران”.
وتضيف الرشيد في مقالها “بغض النظر عن السياسة التي ستتبعها واشنطن تجاه إيران، فإن على ترامب إعادة التفكير في العوامل المهمة فيما يسمى بالغلاقة الخاصة مع السعودية، وبالذات على أمريكا أن تتوقف عن دعم النظام دعما غير مشروط؛ لأن مثل هذا الدعم يعطي شرعية لتجاوزات النظام، ويجعل واشنطن عرضة للاتهام بدعم الدكتاتورية، وبالتأكيد يجب ألا تقطع واشنطن علاقتها بالرياض، لكن هناك أسبابا مهمة لإعادة رسم العلاقة بطريقة تحمي أمريكا”.
وتجد الرشيد أن “هناك سببا آخر لإعادة التفكير في العلاقات بين أمريكا والسعودية، وهو الطموحات الإقليمية للسعودية والحروب، ففي اليمن استخدم السعوديون القوة العشوائية ضد المدنيين في حملتهم للقضاء على الحوثيين وقتل إلى الآن أكثر من 10 آلاف مدني في الصراع، كثير منهم بأسلحة مصنعة أمريكيا اشترتها الرياض، بالإضافة إلى أن الحرب قوت كلا من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة في اليمن؛ لأن كلاهما يسعى أيضا للقضاء على الحوثيين”.
وتورد الرشيد أنه “بحسب منظمة العفو الدولية و(هيومان رايتس ووتش) والمؤسسات الحقوقية العربية، فإن النظام السعودي قام بسجن مئات الناشطين السلميين والمدونين والمحامين والقضاة والصحافيين وعلماء الدين منذ بداية الربيع العربي في 2011، وإن انتقد أحد سياسات الملك في الصحافة أو على (تويتر)، مثلا، فإن ذلك يعد جريمة تودي بصاحبها إلى السجن، بالإضافة إلى أن إنشاء حزب سياسي، أو توقيع عريضة، أو الدعوة إلى إصلاحات سياسية، أو الكتابة، أو حتى قراءة شيء يعد تخريبيا، كلها تعد أعمالا إجرامية”.
وتذكر الكاتبة أن “السعودية قامت في عام 2011 بإرسال قواتها إلى البحرين؛ لدعم حكامها من آل خليفة في جهودهم لقمع الحركة الديمقراطية، وقامت قوات أمن النظام البحريني بين عامي 2011 و 2013 بإطلاق النار على أكثر من 122 بحرينيا، وحصل هذا على بعد أميال قليلة من الأسطول الأمريكي الخامس الموجود على الجزيرة الصغيرة”.
وتبين الرشيد أنه “مع أن السعودية تدعي بأنها تدعم الثوار المعتدلين في سوريا، مثل الجيش السوري الحر، الذي لم يعد فاعلا، فإن الأسلحة التي أعطيت لمثل هذه المجموعات قد وجدت طريقها لمجموعات متطرفة، مثل أحرار الشام وجبهة النصرة، وقوّى تدخل السعودية المتطرفين الإسلاميين على حساب القوات المؤيدة للديمقراطية، وكان هدف السعودية في سوريا هو كسب معركة مع إيران بالوكالة فقط، وليس جلب الديمقراطية للسوريين”.
وتخلص الكاتبة إلى القول إن “إجبار السعودية على الدفع للحصول على الحماية، كما اقترح ترامب، ليس هو الحل، فإن فعل ذلك لن تظهر أمريكا بأنها مرتزقة فقط، لكنها تسمح أيضا للنظام السعودي وأشباهه بالاستمرار في ابتزازهم السياسي، فالقول: (إما نحن وإما الإرهاب) ليس خطابا منطقيا للنظام، وخطاب كهذا يقوض إمكانيات السعوديين من تخيل مستقبل يقودون فيه بلدهم بسلمية، ليكون في مصاف الدول التي تحترم شعوبها والمجتمع الدولي، وبإمكان ترامب القيام بإعادة صياغة العلاقة مع السعودية بطريقة يحمي فيها المصالح الوطنية لأمريكا، وفي هذه المناسبة، فإن الاستمرار في السياسة ذاتها قد يكون الخيار الأكثر خطورة”. خليك معنا