تتكاثر مؤشرات مضي الحرب السورية إلى نهايتها في المشهد السياسي ، ماأعلنه السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد لصحيفة الشرق الأوسط، لجهة أن اللعبة في سورية انتهت، لم يكن مجرد تصريحات عابرة، ولا كلامُ ليلٍ يمحوه النهار، كل مابدأ يطفو على السطح يشي بذلك.
لم يكن محط غرابة أن تقلص قطر ولاسيما بعد تفاقم أزمتها مع السعودية وحلفائها، تمويل الائتلاف السوري في تركيا بحسب ماقالته مصادر المعارضة لصحيفة الشرق الأوسط، وكل ماوصل يكفي لشهر واحد، من هنا جاء تقليص عدد الموظفين وإطلاق العمل التطوعي في الائتلاف، الذي عزز حضوره في الحضن التركي تعويضاً عن الفراغ الذي سيتركه التخلي القطري، وكذلك بدء الانشقاق في صفوفه والعودة إلى الوطن، بدأه بسام الملك الذي تحدث عن سيل الأجندات الخليجية التي تحكم عمل الائتلاف، في هذا السياق يأتي حديث رئيس حكومة الائتلاف جواد أبو حطب ( على قاعدة النفخ والتلميع) ، عن أن الجيش التركي مصدر أمن وأن الشعب السوري سيأخذه بالأحضان دون تردد على حد تعبيره.
إسرائيلياً يستعد رئيس الموساد وشعبة الاستخبارات للقاء مستشارين ومسؤولين أميركيين في واشنطن، بحسب مانقلته صحيفة هآرتس عن مصادر سياسية وأمنية، موضع النقاش سيكون في الملف السوري حصراً، ولن يكون مطلقاً في التعبير عن الإنزعاج من اتفاق الهدنة وخفض التوتر في الجنوب الذي توصل له الجانبين الروسي والأميركي، بالرغم مما تبديه حكومة نتنياهو وتعبر فيه إعلامياً عن سوء ” الصفقة”، إلا أن الاتفاق في صُلبه هو مصلحة إسرائيلية خالصة، فاستمرار الهدوء أحد عشر عاماً على الحدود منذ حرب تموز 2006، لايزعج الإسرائيلي مطلقاً، هو يريد تعزيز وتمتين الاتفاق، لجهة التأكيد والإصرار والضغط على الأميركي، في تلافي تأثيرات تمدد نفوذ إيران في العمق اللبناني والسوري، بحسب ماكتبه إيال زيسر البروفسور الإسرائيلي في صحيفة إسرائيل اليوم، الذي تحدث بإسهاب عن تمدد السيطرة الايرانية في المنطقة، وتعزيز تسلح حزب الله، بالرغم من الهدوء على الحدود، والخشية من أن تملأ إيران الفراغ بعد هزيمة داعش وكل ذلك بمباركة روسيا وتحت العيون الأميركية المفتوحة أو المغلقة على حد وصف الكاتب.
سعودياً جاء المنقول عبر معهد الشرق الأوسط البريطاني عن أن محمد بن سلمان أبلغ مسؤولين أميركيين عن ان بلاده تريد الخروج من الحرب اليمنية، وأن سفير الإمارات في واشنطن تحدث مع المسؤولين الأميركيين عن ” براغماتية” ولي العهد السعودي، وكذلك ماصرح به وزير الداخلية العراقي من أن السعودية طلبت من العراق التوسط بين طهران والرياض، جاء ليمهد لانعطافة سعودية محتملة في ملفات المنطقة بمافيها الملف السوري، وكل ماتريده السعودية في اعتقادنا، بات في إطار المساعدة الأميركية لإشراكها في صورة الحل النهائي، وتغطية ” الفشل” الذي يبدو فيه النّفس السعودي ليس طويلاً وبارداً كخصومه.
عسكرياً جاء إحكام الجيش السوري سيطرته على مدينة السخنة بريف حمص وعملياته المتسارعة في البادية، وكذلك في ريف الرقة الجنوبي، والاستعداد للسيطرة على دير الزور الذي وجد فيها وزير الدفاع الروسي نهاية داعش، جاء رسالة سياسية لواشنطن التي تنشط وحلفائها الأكراد في الرقة، على قاعدة المسارعة الأميركية لتلقف التلاقي السياسي، وإنهاء الوضع السوري توافقياً بما يخدم وحدة الأراضي السورية والضغط لاستيلاد ذلك.
إعلان الجيش السوري الحر عن تشكيل جيش سورية الموحد، وكذلك إعلان المجلس الوزاري السعودي مؤخراً والتغطية على كلام الجبير، وأن موقف السعودية لم يتغير من الأسد، لا يصلح إلا للإعلام، فعلى الأرض لا ترى إلا “نبوءة” فورد ( اللعبة انتهت) .