من النافل أن المبعوث الأممي والمبرمج اسماعيل ولد الشيخ يعد العدة الآن لاستئناف جولته المكوكية وغير المرغوب فيها لليمن ومن المرجح أيضا أن سيحمل معه هذه الكرة وكما عودنا دائما الكثير المشاريع والمبادرات الوهمية والمفاجآت التي لا تزال تفاصيلها في علم الغيب وطي الكتمان.
ولا زلنا نتذكر جيدا مشروعه الأسطورة والمثير للجدل الذي حاول فيه وبأسوأ الطرق الالتفافية والملتوية أيضا مقايضة صرف المرتبات المتأخرة مقابل التنازل عن ميناء الحديدة ووضع صلاحياته وإدارته وإيراداته أيضا تحت تصرف الإدارة الدولية وفي جيوب وأحشاء حكام الرياض وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي مجددا أمام حركة الملاحة الدولية نظير ذلك التنازل وطي ملف الأزمة اليمنية كما يزعم وإلى الأبد.
أنا أؤكد لكم أن ولد الشيخ لا يقوم بتلك التحركات والمساعي والجهود من تلقاء نفسه أوحبا في اليمن أو من أجل سواد عيون اليمنيين وإنما حاجة في نفس يعقوب قضاها وهو المبدأ نفسه والذريعة والأسلوب الذي انتهجه في الماضي سلفه المستقيل جمال بنعمر الذي نفض يده كليا من ملف القضية اليمنية وغادر صنعاء لآخر مرة وهو يقلم أظافره.
ولد الشيخ نعق وكلنا نعرف أمام الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي أنه سيأتي إلى اليمن هذه المرة حاملا معه كما يزعم حزمة من المبادرات والمناورات والمشاريع الجديدة وغيرها من الأحلام التي تراود اليمنيين والتي ستؤدي “كما يزعم أيضا” وفي أسوأ التقديرات إلى تحقيق نوعا من الانفراج لخروج اليمن وأبنائه من حالة التخبط والفوضى والنفق المظلم، طبعا هذه الوعود وغيرها من الأكاذيب وأحلام اليقظة أصبحت لا تنطلي على الطرف اليمني ومجرد فقاقيع وزوبعة في فنجان ليس إلا، لماذا؟
لأن ألاعيب ولد الشيخ ومراوغاته أصبحت مكشوفة كالشمس أمام اليمنيين كبيرهم، وصغيرهم قاصيهم ودانيهم خصوصا بعد الكشف عما كان يحويه وينطوي عليه مشروع الأسطورة من الخبايا والنوايا السيئة والأطماع والمشاريع الخارجية والتشطيرية التي تقشعر لها الأبدان ويندى لها الجبين في تاريخنا المعاصر والتي لا تعوزنا الحيلة أو الذكاء لاكتشافها والتي كانت تهدف فيما تهدف إليه إلى تمزيق الوطن وتشطيره إلى كانتونات ومشيخات وعشائر وتشتيت أبنائه شيعا وأقليات وطوائف متناحرة وممزقة شر ممزق يأكل بعضهم بعضا كما تأكل النار الحطب من جهة وحتى لا تقوم لهم بعدها قائمة أو يستطيعون الوقوف ثانية على أقدامهم من جهة ثانية.
الطرف اليمني المفاوض اكتشف وببساطة أيضا اللعبة و”البرمات” التي كان ولد الشيخ يريد ممارستها في مشروعه الفاجع والخطير مما أدى آخر الأمر وآخر المهزلة إلى تعليق مهمته ومغادرته اليمن بخفي حنين. مشروع المبعوث الأممي إلى اليمن هو نفس المشروع والوجه الآخر للمهمة السيئة السمعة التي قام بحياكة تفاصيلها العنكبوتية وأهدافها التآمرية والبعيدة المدى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” والتي أسندت مسؤولية تنفيذ أجندتها إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق السيناتور هنري كيسنجر خلال جولته الشرق أوسطية في النصف الأخير من القرن الماضي والتي لا زلنا نتذكر تفاصيلها ومفارقاتها جيدا حتى اليوم والتي قام بموجبها بمقايضة الحكومة المصرية في عهد عبدالناصر ومحاولة إجبارها على التنازل عن حيازة قناة السويس وانتقال إدارتها وصلاحياتها مجددا إلى دول الانتداب التي كانت تقوم وقتذاك بممارسة الوصاية عليها والتصرف في شؤونها ومواردها الاقتصادية.
وكذلك إلغاء قرار تأميم القناة المفاجئ الذي اتخذه عبدالناصر مقابل تمويل بعض المشاريع الوهمية في مصر خاصة إنشاء مشروع السد العالي الذي كان يعتبر من حيث الأهمية من أبرز المشاريع الوهمية في مصر خاصة إنشاء مشروع السد العالي الذي كان يعتبر من حيث الأهمية من أبرز المشاريع الوطنية والاستثمارية الاستراتيجية في مصر وعاد بعدها الخواجة كيسنجر أدراجه إلى البيت الأبيض وهو يذرف دموع الخيبة والاخفاق مما أدى إلى شن العدوان الثلاثي واللوجيستي على مصر عام 67م وتقديم عبدالناصر استقالته بعد الهزيمة مباشرة التي منيت بها مصر والأمة العربية بأسرها والتي كان وقعها على الشعبين المصري والعربي بمثابة القشة التي قصمت ظهر الأمة العربية وخروج الملايين في مصر والوطن العربي إلى الشوارع للمطالبة والضغط على عبدالناصر في محاولة لثنيه للعدول عن استقالته والتضامن معه وإسناد مشروعه القومي والكبير الذي في حياته والذي كان يهدف إلى تحقيق مشروع الوحدة العربية الشاملة ومن ثم تم بناء وتدشين مشروع السد العالي بجهود وإمكانات مصرية بحتة،
وهي المقارنة نفسها والمفارقة التي هب فيها شعبنا العظيم ومنذ اليوم الأول للعدوان الجائر والبغيض للوقوف كقلب رجل واحد لإسناد قيادته الشرعية ولجانه الشعبية الذين يخوضون الآن في الميدان وأرض المعركة أشرس المعارك وأشرفها ويستعيدون فوق جماجم وأشلاء الشهداء ما أخذ بالقوة من الأرض والسيادة الوطنية استرجاعه بالقوة وفوهة البندقية كما أعرب أيضا عن موقفه الثابت والرافض جملة وتفصيلا لمشروع التقسيم “السعوأمريكي” واعتبره نوعا من المراوغة والتدليس والتدخل في شؤون اليمن الداخلية بغية الزج بالوطن وأبنائه تحت العباءة والوصاية الدولية وتحت رحمة الفهود وأحفاد آل سعود وما على المحاور الأممي منزوع الثقة والشرعية ولد الشيخ إلا أن يقتدي فصاعدا بسلفه المستقيل جمال بنعمر ويحذو حذوه عندما أعلن انه قرر التنحي عن مهمته الأممية في اليمن وقال وهو يغادر صنعاء لآخر مرة وبالحرف الواحد “التفاوض والتقايض مع اليمنيين ضربا من المستحيل والعبث خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بوطنهم ووحدتهم وكرامتهم التي هي أغلى شيء في حياتهم” هذا إذا تبقى عنده شوية من ماء الوجه.