كان الحديث قبل أسبوعين يدور عن الصفقات، صفقات بالمليارات، مع إنشاء أحلاف عسكرية عربية إسرائيلية ومقولات أمريكية إسرائيلية، لا فرق من قائلها مسؤول أمريكي أم مسؤول إسرائيلي فما ينطقه هذا ينطقه ذاك، التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل هو الطريق لحل القضية الفلسطينية! هذه أهم مقولة تمسكوا بها ورددوها، بل أن نتنياهو وبعد إجراءاته العنصرية في القدس عقب عملية الجبارين الثلاثة قال إن لا صراع ديني في الأفق كونه حيد ذلك من خلال علاقاته مع العرب (الرسميين بالطبع) هذا ما قاله.
وتم الحديث بعد تركيب البوابات الإلكترونية عن لجان إسرائيلية أردنية تستثني القيادة الفلسطينية وعن اتصالات سعودية إسرائيلية مباشرة أو بالواسطة كما أشار موقع “إيلاف” للتهدئة بالحرم القدسي وقد وافقت السعودية على نشر الكاميرات وإقامة البوابات الالكترونية، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعية بأخبار لا يستطيع المرء تبين صدقها من تلفيقها عن شيوخ سعوديين منهم الداعية السعودي الشيخ أحمد بن سعيد القرني، حيث دعى الفلسطينيين إلى ترك المسجد الأقصى لليهود.
وهو يتساءل مستغربا: من أعظم حرمة عند الله.. دم المسلم الفلسطيني أم المسجد الأقصى؟ من قال إن الموت في سبيل الأقصى استشهاد؟!
وينقل عن خطيب الجمعة في الحرم المكي (السديس) قوله ولا نعرف مدى صحته :”أن موضوع الأقصى وما يجري فيه شأن داخلي إسرائيلي” لأنه منطقة محتلة تخضع لهم، بل إن إحدى محطات التلفزة المحلية في مدينة غزة في فلسطين المحتلة سربت خبرا يقول أنها اتصلت بثلاثين شيخا (عالماً) سعوديا للحديث عن انتفاضة الأقصى وما يجري في الأقصى إلا أنهم جميعا اعتذروا، وقامت قناة الحوار التي تبث من لندن والمحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين باستضافة شيخ سعودي قال في اتصال هاتفي إننا لن ننصر الأقصى من أجل حماس وقطر؟!ومتصل أخر على قناة الجزيرة التي تبث من قطر ادعى أن ما يحصل في الأقصى (من معركة) هي مسرحية حمساوية قطرية.
لقد أدخلت الدول العربية الخليجية قضية الأقصى في صراعاتها الداخلية مع قطر وبالرغم من أن الاتصالات التي أشرنا إليها تمت عبر الفضائيات المحسوبة على قطر والإخوان حيث لا يمكن التأكد من صدقها أو تلفيقها في ظل الصراع الدائر بين قطر والرباعية العربية، إلا أن الواقع يقول إن قضية الأقصى كبعد أساسي من أبعاد السياسة الخارجية السعودية التقليدية تجاه فلسطين غابت بالكامل، فلا تصريحات رسمية أو من المراجع الدينية سُجلت في الأيام الأخيرة التي اندلعت فيها معركة الأقصى.
ولكن في المقابل سُجل موقف رسمي لأمير قطر تميم بن حمد أشاد فيه بمقاومة أهل فلسطين وأكد على عروبة وإسلامية الأقصى وقد سجل بذلك هدفا في مرمى التحالف الرباعي.
وهذا ما فعله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي تقدم في مواقفه على كل الزعماء العرب في قضية الدفاع عن المسجد الاقصى.
وسجل اليمنيون هدفا أخر في مرمى السعودية عندما تظاهر مئات الالاف من اليمنيين المحسوبين على الحوثيين والرئيس علي عبد الله صالح تضامنا مع القدس في جمعة الغضب، فرغم ما يخوضونه من حرب مع السعودية وحلفائها إلا أن القدس والأقصى وقضيته لم تغب عن وجدانهم.
الموقف السعودي السلبي يطرح سؤالا كبيرا، جوهره سبب التقاعس تجاه قضية بحجم قضية الأقصى! وهل فعلا الازمة القطرية مع الرباعية العربية سببها؟ بمعنى هل هذا ما يمنع السعودية وحليفاتها من إدانة السلوك الإسرائيلي أم أن ذلك مجرد حجة للتقاعس وعدم رغبة في خسران الحليف الإسرائيلي الجديد الذي تترتب العلاقة معه لقضايا تحالفية تتجاوز فلسطين وأهل فلسطين ولها علاقة بصراعات الحكم في السعودية التي كتبت إحدى الصحف الإسرائيلية أنها قد تنفجر داخل المملكة بين أمراء ال سعود بعد تنحية الأمير محمد بن نايف؟
أم أن ذلك مرده الخوف من خسران إسرائيل وحليفها ترامب في الصراع مع إيران وحلفائها في اليمن وغيرها من الأماكن.
مهما يكن السبب فإن الثابت أن السياسة السعودية أصبحت تتجاهل القضية الفلسطينية إلا كقضية مساومة مع نتنياهو وحلفائه على حساب الفلسطينيين وحقوقهم، نعم على ما يبدو أن الأمر كذلك لم تعد فلسطين والقدس هي القضية المركزية في سلم أولويات السياسة الخارجية السعودية بل ولدى الكثير من الدول العربية.
حجم المشاركة في الفعاليات الشعبية وعدم وجود مواقف رسمية ضاغطة على الاحتلال وحلفائه تبرهن على ذلك.
في المقابل الفلسطيني ورغم عبارة ” يا وحدنا” التي تعود أن يخوض نضاله في ظلها لن يستسلم وسيواصل معركة القدس حتى النهاية ومهما كلفه ذلك من أثمان قد تصل إلى انتفاضة شاملة تشبه انتفاضة العام 2000 عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 فقد كان صاعق تفجير تلك زيارة شارون للأقصى وهذه أيضا صاعق تفجيرها هو إجراءات الصهاينة في الأقصى.
تقاعس حكام السعودية عن نصرة القدس وجوهرتها المسجد الاقصى، سيؤدي يوما ما إذا هُزم الفلسطينيون الذين يمثلون خط الدفاع الاول عن العرب (لا سمح الله) إلى مطالبة اليهود بخيبر ويثرب وغيرها من المدن التي قطنها يوما يهودا عربا بما في ذلك مكة وجوهرتها الكعبة حيث يقول (الازرقي) في كتابه “اخبار مكة” كانت نساء اليهود عندما يصلن حدود الوادي المقدس طوى وهو وادي من وديان مكة يخلعن نعالهن ويسجدن لله…
ستتدحرج الأحداث ككرة اللهب، ستكبر وتكبر، إلى أن تغير الواقع الفلسطيني والعربي الفاسد، إلى واقع مجيد، إذا صمم الفلسطيني وأراد فإن الارض والسماء تريد.
معادلة الدم يوم الجمعة كانت ثلاثة شهداء فلسطينيين وثلاثة قتلى من المستوطنين، وما زلنا في بداية كرة اللهب وبقعة الدم التي تكبر كل يوم…
لا أحد يحب الدماء ولكن يقول الشعب الفلسطيني أن الأقصى والقدس وكل تراب الوطن لن يتحرر إلا ببذل الدم والروح بعد أن فشلت كل أنواع المفاوضات والسلامية المطلقة من جانب السلطة الفلسطينية في إقناع المحتل بالانسحاب من الأرض المحتلة والسماح بإقامة دولة فلسطينية على الحد الأدنى المتبقي من أرض فلسطين لم يتحرر شعب بقرع الدفوف لذلك معركة الأقصى ستكون كتلة لهب إذا لم تطفئ نيرانها بتراجع العدو عن إجراءاته بالقدس ستصل إلى كل مكان من هذا الشرق وربما ارتداداتها ستعبر البحر والمحيط؟