رفع محافظ عدن الجديد، عبد العزيز المفلحي، أمس الأول، صورة عملاقة لأمير دولة قطر، تميم آل ثاني، في أحد الشوارع الرئيسة بمدينة عدن. يأتي ذلك في الوقت الذي احتدمت فيه الحرب الإعلامية المفتوحة بين كل من السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من جهة، ودولة قطر من جهة ثانية، في مواقع أشهر الصحف والقنوات التابعة للدول الثلاث وعلى مواقع التواصل الإجتماعي.
موقف محافظ عدن قرأه البعض ضمن إطار الضغط الذي يُمارَس عليه من قبل جهات في الحكومة الشرعية تابعة لحزب «الإصلاح»، كان لها الفضل في ترشيحه لمنصب محافظ عدن، فيما قال محسوبون على المفلحي إن رفع صورة أمير قطر جاء تعبيراً عن الشكر من قبل أبناء عدن لدعمه منظومة كهرباء المدينة بـ60 ميجاوات، ولا تحمل رسائل تستهدف جهات في التحالف بعينها.
وتمحورت الحرب الإعلامية بين قطر وتحالف السعودية والإمارات حول «دعم» الأولى للجماعات المسلّحة، بما فيها «القاعدة» وتنظيم «الدولة». «دعم» سعت قنوات وصحف موالية للسعودية والإمارات إلى ربطه بقطر، غير أن نقص المعلومات والأدلّة كان واضحاً في سياق تلك التقارير.
تشابك المصالح وترابط الولاءات الذي أفرزه ترهل حرب اليمن واستدامتها لأكثر من 30 شهراً يعقّد المشهد لا محالة، غير أن تصريحات أمير قطر بعد منتصف الليل كان آخر ما ينتظره «راديكاليو شرعية هادي»؛ فجروحهم التي تسبّب بها «الإنتقالي الجنوبي» وتراجعهم في تعز عسكريّاً لصالح «القاعدة» لا زالت مفتوحة، لتأتي تصريحات الأمير القطري الشاب لتذر الملح وسطها مباشرة، فاتحة لهم باباً لن تكون الريح وحدها آخر ما سيدخل من مصراعيه، على ما يبدو.
من الواضح والجلي أن اليمن بات ساحة للتجاذبات الإعلامية بين الطرفين، حيث استندت صحف ومواقع محسوبة على جماعة «الإخوان» وقنوات فضائية مدعومة من دولة قطر، بينها «الجزيرة»، في ردها على الهجوم السعودي الإماراتي إلى تقرير يحمل في مضمونه اتهامات للإمارات تحديداً بإدارة سجون سريّة في كل من عدن وحضرموت، وهي التقارير نفسها التي نشرتها على مستوى ضيّق قبل أشهر مواقع محسوبة على تنظيمَي «القاعدة» و«الدولة».
تصاعد الخلاف بين الطرفين إعلاميّاً مستمر، غير أنه على ما يبدو فاجأ القائمين على أجهزة إعلام الجانبين، ويبدو ذلك واضحاً من خلال نشر ما لديهما من معلومات مسبقة دون تحضير أو تدقيق، وهو ما أظهرته بوضوح ركاكة التناول.
الأصعب – بحسب كثيرين- هو موقف الشرعية اليمنية التي يمثل «الإخوان» ثقلاً كبيراً في قوامها، حيث يصر عدد منهم على أن تنحاز الشرعية إلى الجانب القطري علناً، وإن كلفها ذلك معاداة السعودية، وما البيان الذي نشرته وكالة «سبأ» تأييداً لتصريحات الأمير القطري، وتم حذفه بعد ساعات فقط من الموقع، إلا دليل على ذلك الموقف.
السعودية أيضاً باتت مطالبة بالتضحية بصقور «الإصلاح» على الأقل لتحسين موقفها أمام الإمارات والرأي العام المحلي، علماً أن أبوظبي ما فتئت تضغط على الشقيقة الكبرى كي تتخلى عن المؤيدين للشرعية من جماعة «الإخوان المسلمين» أو عل أقل تقدير لتخلّي بينها وبينهم. لكن التفكير السعودي يتجاوز الحسابات الحزبية باتجاه الموقف العسكري على الأرض، في جبهتي مأرب والجوف تحديداً، واللتين تقاتل فيهما أكثرية محسوبة على جماعة «الإخوان» إلى جانب عناصر من «القاعدة» ومسلحين من تنظيم «الدولة»، وخشيتها من انهيارهما لصلح «الحوثيين».
من الواضح أن الرئيس هادي، الذي ظهرت مواقفه الأخيرة مكبّلة بحبال «الإخوان» وجفاء إماراتي، سيلجأ الآن على الأقل إلى «رابية» تعصمه من مرور سيل متغيّرات الوضع الخليجي المتسارعة بانتظار رجحان الكفة.
تصريحات تميم النارية لا شك في أنها لن تمر دون تصنيف المعلقين والصامتين من أعضاء الحكومة الشرعية عليها، وربما ستشهد الأيام القليلة القادمة تغييرات وتجريفاً بناء على مؤيّدها ومعارضها، سيطال من لم يجهر منهم بالقول واكتفى بأضعف الإيمان.