الصباح اليمني_مساحة حرة|
عادت جزيرة حنيش اليمنية إلى الواجهة بعد المساعي العدوانية الأريترية الأخيرة، وما أسفرت عنه من استفزازات واعتداء على الصيادين اليمنيين في محيطها واعتقال العشرات منهم،
في خطوة تعيد إلى الأذهان الأطماع الأريترية في السيطرة على الجزيرة التي سبق لها أن احتلتها في يوم 15 ديسمبر من العام 1995، وما شهدته فترة احتلالها للجزيرة التي امتدت حتى شهر أكتوبر من العام 1998، من حيث الاعتداء على الصيادين اليمنيين واعتقالهم ومطاردتهم ومنعهم من ممارسة أي نشاط في محيط الجزيرة والأرخبيل الذي يضم 10 جزر.
التحركات العدائية من قبل القوات الأريترية ضد الصيادين اليمنيين والتي اعتقلت خلالها هذه القوات قرابة 160 صيادا، منذ شهر مايو الماضي، فتحت باب التساؤلات على أبعد مستوى، حول الدوافع التي تقف خلف مثل هذا التعدي المغرق في الهمجية، في قضية سبق وأن فصل بها القضاء الدولي وحسمت لصالح اليمن.
لم تكن أريتريا لتعيد الكرة في مد أنظارها نحو الجزيرة التي غادرتها قبل أكثر من عقدين بحكم من محكمة العدل الدولية، لولا أن لديها هذه المرة حسابات وإن اختلفت عن حساباتها السابقة، التى تمت بتخطيط وإسناد ومشاركة من قبل قوات إسرائيلية، ومن المؤكد أن تلك الحسابات لها صِلاتها الوثيقة بما تواجهه اليمن حاليا من أطماع لقوى خارجية متعددة، تعتمد في تنفيذها على وكلاء محليين وإقليميين، سيما إذا ما أخذنا في الاعتبار أطماع حليفتها الإمارات، ومساعيها للسيطرة على الجزر اليمنية في البحرين العربي والأحمر، وعلى وجه الخصوص الجزر الواقعة في محيط باب المندب، والمطلة على خط الملاحة الدولي، والتي هي في الأساس أطماع تفوق طموح دولة كالإمارات التي تعمل لحساب قوى كبرى بينها أمريكا، بحسب ما يراه سياسيون وخبراء.
بدا الدور الإماراتي مفضوحا في قضية اعتقال الصيادين اليمنيين، من قبل القوات الأريترية قبل قرابة أسبوعين، حيث ضغطت الإمارات لأطلاق سراح 8 جنود اريتريين، كانت قوات محلية موالية للإمارات قد اعتقلتهم في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي جراء اعتقال الصيادين، فيما ظل الصيادون رهنا لهوى خاطفيهم، وهو ما يعكس الانحياز الإماراتي الفج للقوات الإريترية المعتدية، التي تحتجز الصيادين المعتقلين على متن سفينة إماراتية عائمة، وهو ما يعكس مدى شراكة أبو ظبي مع حليفتها في محاولات السيطرة على الجزيرة.
ورغم ما تمثله الخطوة التي أقدمت عليها القوات الأريترية بإيعاز ودعم إماراتي، من انتهاك سافر للسيادة اليمنية، وتحديا للقانون الدولي، إلا أن حكومة هادي لم تتخذ موقفا جادا إزاء هذا الاعتداء، سوى تصريح هزيل على لسان وزير الثروة السمكية فيها فهد كفاين، بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي»، بخلاف سلطات صنعاء التي وصفت الأمر بالاعتداء السافر على السيادة اليمنية، مُتّهمةً الإمارات، حليفةَ إريتريا، بمحاولة تفجير الأوضاع بالقرب من مضيق باب المندب، الذي لم تتوقّف مساعي التحالف لتدويله، وهو الأمر الذي لا تزال سلطات صنعاء تحذّر منه، مؤكدةً حرصها على أمن البحر الأحمر، فيما تحدث الناطقُ باسم وزارة الداخلية في حكومة صنعاء، العميد عبد الخالق العجري، في بيان صدر الأسبوع الماضي عن تمركز القوات الإريترية في جزيرة حنيش، ومصادرتها 8 قوارب يمنية بالقرب من جبال عايض جنوب البحر الأحمر، فضلاً عن أكثر من 53 قارباً من سواحل مدينة المخا والمناطق المجاورة لها، مشيرا إلى أن تلك الاعتداءات تأتي بضوء أخضر إماراتي، وفي ظلّ صمت القوات الموالية لأبو ظبي في الساحل الغربي.
وفي ضوء ما يذهب إليه خبراء وسياسيون، فإن ما يعيشه اليمن أوضاع خلفتها الحرب التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي، وما لحق بالبلاد من حالات التشرذم وفي ظل التفتيت التي يسعى التحالف لتجذيرها في طول البلاد وعرضها، يمثل مطمعا لأي قوة نافذة إقليميا وعالميا، نتاجا لأجندات وأطماع خارجية، تقف وراءها قوى الهيمنة العالمية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، وهي التي تحرك التدخل في اليمن منذ سنوات، وبذلك تتجلى الأسباب والمسببات وتتضح الدوافع الكامنة وراء أي تحرك خارجي للسيطرة على أجزاء من الخارطة اليمنية الموحدة.
المصدر: مقال منشور للكاتب على موقع “البوابة الإخبارية اليمنية”.
خليك معنا