الصباح اليمني_مساحة حرة|
أرقى لغات العالم وأكثرها تطوّراً، وذات أوسع تشكيلة من المفردات والكلمات على الإطلاق، لغة صعدت ما بين القرنين السابع والتاسع بائتلاف لغات الحضارات القديمة في المشرق فصارت شمساً لا تُنافَس. وأتكلّم هنا من وحي تجربة وخبرة واسعة، اطلعت فيها على أساسات وصفات أغلب لغات العالم واسعة الانتشار.
إذ؛ بينما تعتمد لغات العالم الأكثر انتشاراً على الفهارس (القواميس) لتسجيلها وتعريفها، تعتمد العربيّة ميزاً إلى جانب المعجمات على كتب الجذور. والجذور لعبة ما إن أتقنتها حتّى تمسي العربيّة لغة طيّعة في خدمة مشاعرك وأفكارك تكيّفها وتعيد تكوينها كيفما تريد، بهويّتك الشخصيّة، فهي لغة تخلقها وتعيد خلقها مشاعرك وأفكارك كلّ يوم، فلا تأسرها المعجمات ولا يقيّدها الشكل.
ويؤلمني ما نال حبيبتي اللّغة العربيّة من إضعاف وتأخير وتحجيم وتقزيم وتجميد على طاولات مجامع اللّغة العربيّة؛ هزيلة البصيرة. ابتداءاً بهجر معاجمها، ثمّ اعتبار لهجاتها تشويه للهجة فصيحة… والفصحى أساساً هي أبسط اللّهجات العربية وليست أعربها. صُنعت للتداول الرسمي، لا الأدبي.
أعتقد أنّ إكرام اللّغة العربيّة يبدأ بنفض خرافات هزلاء الثقافة، من تسبّبوا بتخلّف ثقافة عظيمة عن مستوى تراث الأجداد. ونفض الخرافة عن رؤوس بني العربيّة يبدأ، برأيي، بنقض تراث هؤلاء، من أخّروا العرب عن فهم العالم للحاق الركب، طيلة الأعوام المئة الفائتة. والتأخّر هو موتٌ ونتيجة طبيعيّة للتجميد والتقييد والخوف من التغيير والتحديث.
لنمنح لغتنا العربية كلّ الحبّ، ولنعد إلى معجماتها الأمّهات بفضول؛ وقد صارت إلكترونيّة أقرب. ولنتبادل محبّة تعلّم كلّ لهجات العرب، فكلّها صواب ليس فيها خطأ، وكلّها فصيح ليس فيها غموض. وكلّها قديم من تراث جدود العرب.
خليك معنامن حائط الكاتب في الفيسبوك